السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانت زهرة حمراء تسر الناظرين...لا تمل العين مرآها..عبق أريجها يملأ المكان..
ولكنها... أصبحت غير ذلك.. خسارة وألف خساااااارة...
تساقطت أوراقها..واحدة تلو الأخرى...ولونها بدأ بالشحوب...وريحها ما عاد زكياً مثل سابق عهده..
نعم إنها : ( زهرة الحياء ) ..
أجل والله ..إخوتي متى ما فقد الحياء..انتشر الضد منه تماماً..
جميعنا نرى ونسمع من المناظر والأحاديث مالا يليق بمسلم ..
وإليكم بعض الأمثلة :
* ضحكاتها تملأ ممرات السوق وقد إرتدت عباءتها المزركشه..عفواً بل فستانها الذي يحتاج لعباءة حقاً.. والعطر يفوح منها.. تتمايل يمنة ويسرة..لا تتوانى في ممازحة ذاك البائع.. أواستقبال بلوتوث مجهول.. يرن هاتفها فتكون أرق فتاة على وجه الارض من نعومة صوتها وطيب عباراتها.. لأن المتصل صديقتها....ثم يرن أخرى فتنقلب رأس على عقب ويعلو صوتها بالصراخ والجفاف والتأفف..لأن المتصل أمها!!! فأين الحياء ؟؟!
* يقود سيارته وصوت الأغاني يكاد يصم الأذان..وقد يهز رأسه على أغنيه غربية أجزم بأنه كالحمار يحمل أسفاراً..لا يفقه منها شيئاً..وفي المقابل صوت الأذان يصدح بالأفق وقد يكون في نهار رمضان.. و لا حياة لمن تنادي ..!!!
يخرج من سيارته وليته ما خرج منها..بلباس أشبه برسم كريكاتوري.. بنطال قاب قوسين أو أدنى أن يسقط على الأرض..وقميص تأن أزاريره من ضيقه..أما عن قصة الشعر فحدث ولا حرج..
تخلى عن أدنى سمات الرجوله... فأين الحياء ..؟؟!
" صدق رسولنا الحبيب إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت " رواة البخاري
كما جاء في الصحيح أن رجلاً من الأنصار كان يعظ أخاه في الحياء -يعني:
يقول له: لماذا تستحي؟ لماذا أنت كذا وكذا فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: " دعه فإن الحياء لا يأتي إلا بخير "
فُقد الحياء عند البعض ونتفاءل بأنهم قلة إن شاء الله...الحياء الذي هو شعبة من شعب الإيمان..
أتعلمون إخوتي ..إن الله بعزته وجلاله وجبروته يستحي..نعم يستحي.. حيي يحب الحياء..سبحانه وتعالى..
ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(إنَّ ربكم تبارك وتعالى حييٌ كريم يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً ).رواة الترمذي وابو داود
- ورسولنا الكريم قد كان أشد حياءً من العذراء في خدرها.. والملائكة أيضا تستحي..
ومما ورد في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ) رواه مسلم..
قصد عثمان بن عفان رضي الله عنه..
إذا كان الحياء من صفات الله.. والملائكة ..والأنبياء... أليس حريٌ بنا أن نتحلى به..؟؟!!
* علّم الصالحون الأول والصالحات قيمة الحياء فكانت لهم معه تلك الأعاجيب..
تقول عائشة -رضي الله عنها-:
" كنت أدخل البيت الذي دُفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم متخففة من الثياب وأقول إنما هو زوجي وأبي, فلما دُفن عُمر بجوارهما تقول: والله ما دخلت إلا مستترة مشدودة على ثيابي حياءً من عُمر " ..
وعُمر يومئذ تحت التراب دفيناً, فلله درها ما أعظم حيائها ..!!
* وتلك امرأة أخرى تصرع وتتكشف فتصبر على الصرع ولا تجد لها صبراً على التكشف الذي يعتريها رغماً عنها..
أين وقاحة الغرب والتبرج من حياء تلك المرأة التي سقط برقعها فاستعظمت أن يظهر وجهها ولو للحظات عابرة, فجعلت تستر وجهها بكف وتتناوله بالأخرى, فسطّر شاعر الناس يومئذٍ هذا البيت قائلاً
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه ... فتناولته واتقتنا باليد
- هذا والحياء أنواع شتى وصنوف متعددة إلا أن أرقى أنواع الحياء ،،هو: الحياء من النفس..
قال بعض السلف: " من عمل في السر عملاً يستحي منه في العلانية فليس لنفسه عنده وقار" ..
إخوتي ..
كلٌ منّا يحمل في داخله ( زهرة حياء ) فلنسقيها بأعذب معاني الإيمان وتقوى الله حتى يفوح شذاها أينما حللنا..
أخيراً ..
فلا والله ما في العيش ٍ خير * * * ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ٍ * * * ويبقى العود ما بقي اللحاء