هناك كثير من الأشخاص يملكون معلومات كثيرة يرغبون في إيصالها إلى جمهور من الحضور ولكنهم لا يستطيعون أن يقفوا ويلقوا هذه المعلومات عليهم ، وهناك بعض الأشخاص تنقصهم الكثير من المعلومات ومع ذلك يقفون أمام الناس ويتكلمون بما يجول بخاطرهم من معلومات قد تكون نافعة وقد لا تكون نافعة ،والفرق بين المجموعتين من الأشخاص هي الشجاعة وعدم الخوف والرهبة من الوقوف والتكلم أمام الآخرين.
إذا وقفت أمام جمع من الحضور لتدعوهم إلى مناسبة أو لتتكلم فهل يخفق قلبك وتشعر كأنه قفز من صدرك؟ وهل تزيد سرعة تنفسك ويقل التنفس عمقا؟ وهل تتصبب عرقا من اليدين والإبط والوجه ؟ وهل تعاني من قلة النوم قبل موعد الإلقاء وإذا نمت كان نومك متقطعا ؟ وهل تحس بالحبسة الكلامية ؟ وهل تحس بارتجاف ركبتيك إذا وقفت أمام الحضور ؟ وهل تنسي كثيرا من المعلومات التي سوف تقولها للحضور، إذا كانت أجابتك بنعم على هذه الأسئلة أو بعضها،فهذا يؤكد انك تعاني من رهبة الإلقاء والتكلم أمام الآخرين.
تدل الدراسات على أن حوالي 41% من الناس يعانون من الخوف والرهبة من الإلقاء أمام الآخرين، وقد دلت هذه الدراسات علي إن هناك العديد من الأعراض الجسمية التي تظهر على الأشخاص الذين يعانون من رهبة الوقوف والتكلم أمام الناس ومن هذه الأعراض احمرار الوجه وارتعاش اليدين وزيغان البصر وتصبب العرق وحدوث رعشة أو خنقه في الصوت أو الإصابة بالتلعثم في الكلام أو وقوع اضطراب في التنفس أو في دقات القلب وارتفاع ضغط الدم.
هناك عدة أسباب للخوف من والوقوف أمام الناس الآخرين، الأول خوف الشخص من أن ما يقوله في خطابه قد لا يعجب الحضور أو قد يستهزئ الحضور بما يقول، والثاني خوف الشخص من الحبسة الكلامية التي تلازم بعض الأشخاص إذا وقف أمام الآخرين، وبعض الأشخاص يخاف لأنه لا يستطيع إعداد الكلمة ويتعذر بالخوف والرهبة من الوقوف أمام الآخرين تغطية لعجزه عن إعداد الكلمة.
فيما يلي أهم عناصر الإلقاء الجيد:
أولا)ـ التحضير الجيد: التحضير هو إخبار الحضور بما تفكر به شخصيا وليس ما قاله إنسان أخر، وهو جمع الأفكار والآراء والاستنتاجات واختيار ما يعجبك منها وصقله وجمعه في وحدة فنية من صنعك الخاص وتزيين الحديث بالأمثلة والأدلة.
والتحضير الجيد يقلل من مخاوف الإلقاء، فالإنسان لا يستطيع أن يشعر بالارتياح عندما يقابل الحضور إلا بعد أن يفكر مليا ويخطط حديثه ويعرف ما الذي سوف يقوله، وتدل الدراسات على أن 75% من الخوف والارتباك يقضى علية إذا حضر الخطيب خطابه تحضيرا جيدا وتدرب على الإلقاء قبل الذهاب إلى صالة الإلقاء.
ويعتمد نجاح التحضير على عدة عناصر، الأول الافتتاحية،وهناك عدة طرق لافتتاح الخطاب فقد يفتتح الخطاب بقصة قصيرة،وقد يفتتح بمثل من الأمثال المناسبة للخطاب، أو قد يفتتح بسؤال يوجه للحضور،أو قد يفتتح الخطاب بحقائق وإحصائيات أو بقول شخص مشهور أو يفتتح الخطاب باستخدام بعض الوسائل المعينة.وبعد الافتتاح يأتي دور العنصر الثاني وهو الرسالة أو موضوع الخطاب.
والرسالة هي وجود فكرة يرغب الخطيب إيصالها إلى جمع من الحضور بعد تزيينها بالأمثلة والأدلة والإحصائيات والإيضاحات،ويمكن النظر إلى الرسالة من ثلاث جوانب هي: أولا ما تحويه الرسالة من أفكار وأراء يرغب الخطيب في إيصالها إلى الحضور وهل هذه الأفكار تناسب وتتجاوب مع احتياجات الحضور،وثانيا الطريقة التي تم بها ترتيب هذه الأفكار والآراء،وثالثا تنظيم الخطاب بحيث يبدأ بمقدمة وينتهي بخاتمة.
ثانيا)ـ الإلقاء الجيد، يعتمد تأثير الرسالة على الأسلوب الذي يتحدث به الخطيب و على موضوع الرسالة،وفي الإلقاء هناك ثلاثة عناصر مهمة وهي من يلقيه وكيف يلقيه وما الذي يقوله،والأخيرة هي الأقل أهمية،وذلك لان إجادة التحدث والإلقاء هي أقرب الطرق للتفوق لان ذلك يضع الفرد في بريق الشهرة ويرفع مقامه بين الناس.
يصعب تعلم فن الإلقاء في يوم واحد فهو يحتاج إلى تدريب وممارسة ،
وحتى يكون الإلقاء جيدا :ـ
1)ـ الحضور مبكرا إلى المكان الذي سوف تلقي فيه الخطاب،ادخل الصالة وقف خلف منصة الإلقاء وقم بتعديل الميكرفون ليتناسب مع طولك،وجهز أوراقك والمواد والمعينات التي تحتاجها أثناء عملية الإلقاء،وتعرف على بعض الحضور وسلم على من تقابل منهم،أكسب صداقتهم لان هذا يقلل من مخاوف الإلقاء،وذلك لأن الإلقاء على جماعة من الأصدقاء أسهل كثيرا من الإلقاء على جماعة من الغرباء.
2)ـ أختر الملابس التي تناسبك ولا تحاول العبث بها،وإذا كنت واقفا خلف المنصة لا تتمسك بها أو تتكئ عليها ولا تعض شفتيك،ولا تضع إصبعك في فمك،ولا تلعب بساعتك
وعقالك أو الغترة ،فهي أدلة على أنك متوتر وتبحث عن شي لتفريغ هذا التوتر،قف مستقيم القامة ولا تقف على رجل وتعلق الأخرى ولا تضع رجلا على رجل،البس جزمه ولا تأتى بالنعال حتى لا تشغل نفسك بخلع ولبس النعال.
3)ـ تكلم ولا تقرأ من الأوراق، الكلام الشفهي اسهل في الفهم ويسهل على الحضور متابعة الخطيب لأنه يجذب الانتباه،وقد يقول الحضور لو كان الخطيب يعرف ما يقول لما أحتاج إلى القراءة،لماذا يتعب نفسه بالقراءة؟ لماذا لا يوزع الكلمة على الحضور، ولا حاجة لأتعاب نفسه؟وإذا كان هناك أدلة حاول حفظها ولا باس من قراءتها.
4)ـ غير نبرات صوتك،أرفع صوتك عند النقاط المهمة وقف قبل وبعد النقطة المهمة التي ترغب أن ينتبه إليها الحضور.
5)ـ أنظر إلى الحضور ولا تكثر النظر في محتويات الخطاب،غير نظراتك من جهة إلى جهة أخرى،أنظر إلى الحضور وغير نظراتك على شكل نصف دائرة داخل صالة الإلقاء،أطل النظر
في الأركان وركز نظراتك على الأفراد المهتمين بخطابك وتجاهل الأفراد الذين لا يبدو عليهم الاهتمام بما تقول.
إن النظرات هي التي تربط الخطيب بالحضور،فنظرات الخطيب تلفت اهتمام الحضور إلى ما يقوله الخطيب، فالحضور بحاجة إلى الإقناع الذي يتم بتبادل النظرات بين الخطيب والحضور،وبالنظر يتخلص كثير من الخطباء من الخوف والخجل والتوتر الذي يعانون منه أثناء الخطابة،كذلك يتعرف الخطيب على انطباعات الحضور ويكون روابط قوية بينه وبين
الحضور،أختر شخصا أو أشخاصا من الحضور المهتمين وتحدث معهم شخصيا،ويتم ذلك بتبادل النظرات بينك وبينهم، وكقاعدة عامة إذا لم ينظر الحضور إلى الخطيب فقد يكون صوت الخطيب غير مسموع أو قد يكون الحضور غير مهتمين بما يقول.
6)ـ تحرك ولا تختبئ خلف منصة الإلقاء،اختر ثلاث نقاط تتحرك بها ، الأولى في وسط صالة الإلقاء والثانية إلى الجانب الأيمن من الصالة والثالثة إلى الجانب الأيسر من الصالة.
7)ـ الابتسامة تؤثر على مشاعر الناس من حولك وتنقل الألفة والسعادة للآخرين، يقول الرسول صلي الله علية وسلم (تبسمك في وجهة أخيك صدقة)،فالوجه يوضح مشاعر وأحاسيس وعواطف الخطيب اكثر من أي جزء آخر من أجزاء الجسم،وليس هناك قاعدة عامه لتعبيرات الوجه،ولكن إذا كان الخطيب يتصرف بشكل طبيعي،وسمح لنفسه بالتعبير عن أفكاره وعواطفه بحرية،فان تعبيرات الوجه سوف تكون طبيعية مناسبة وذات مصداقية..
8)ـ أستعمل لاشارات والنظرات والحركات أو ما يعرف بلغة البدن، فالإشارات هي انعكاسات لشخصية الخطيب،وغالبا ما تكون الإشارات انعكاسات لما يفكر به ويراه الخطيب،وإذا أعاق الخطيب رغبته في الإشارة خجلا أو خوفا من الحضور فربما يظهر علية التوتر والارتباك،وأثناء الإلقاء يجب أن لا يفكر الخطيب أين يضع يديه بل يترك اليدين تستجيب لمحتويات الخطاب،ويجب عدم المبالغة بالإشارات لان ذلك يجذب انتباه الحضور على حركات يدي الخطيب أكثر من التركيز على ما يقوله الخطيب،وما قد يكون مناسبا من إشارات لخطيب قد لا تكون مناسبة لخطيب آخر.
9)ـ تصرف بثقة،إن كسب الثقة بالنفس والقدرة على التفكير بهدوء أثناء الإلقاء أمام مجموعة من الحضور ليس أمرا صعبا مثلما يتخيله كثير من الناس،وهي ليست موهبة وهبها الله لأفراد قليلين بل باستطاعة كل فرد أن ينمي مهارة الإلقاء إذا كانت لديه الرغبة في الإلقاء
فالثقة بالنفس شعور ينبع من داخل الفرد وهو مبني على رأي الإنسان بنفسه،فإذا انخفض مستوي رأي الإنسان بنفسه انخفضت ثقته بنفسه والعكس بالعكس،ولزيادة الثقة بالنفس يجب على الإنسان أن يحدث نفسه بأفكار إيجابية،وأن يقنع نفسه بأنه إنسان ثمين جدير بالعناية والاهتمام.صادق الناس الناجحين الإيجابيين الواثقين بأنفسهم،فسرعان ما تندمج معهم وتتعلم كيف تتصرف مثلهم وتصبح واثقا من نفسك.
تجنب الوحدة،فنقص الثقة عادة ينجم من الوحدة،أرسم لنفسك صورة إنسان ناجح، وثبتها في ذهنك دائما،ولا تسمح لها بالذبول أو الزوال،تخلص من مركب النقص الذي يجعلك تشعر
بعدم الكفاءة وتعاني من الشعور بعدم الأمن الوجداني،وغالبا ما يكون الشعور بالنقص خاطئا قائما على عوامل تربوية أثرت فيك منذ الصغر،والغريب أن من بين المصابين بمركب النقص أشخاصا موهوبين.ولكي تكون شجاعا،تصرف وكأنك شجاع،قف مستقيما وتطلع في عيون الحضور.
10)ـ لا تكن متوترا،استرخ، تدرب على تمارين الاسترخاء والتخيل لتنمية الثقة بالنفس وتنمية المهارات ومنها مهارة الإلقاء،ولاحظ كيف يستطيع التخيل قهر الكثير من العادات السيئة الصحية والاجتماعية،وكيف تستطيع تفجير قدراتك وقواك النفسية لتزيد من الاستمتاع بجميع جوانب الحياة ولتستمد المتعة والسرور من خلال تعاملك مع الناس وتصبح اكثر إبداعا وإيجابية.
11)ـ لا تعتذر عن ما تعتقد انه نواقص في خطابك،قل ما عندك وأترك الحضور يحكم على الخطاب ولا تذكرهم بالنواقص ولا تلفت انتباههم إلى خجلك أو ارتباكك لأنك قد تلفت انتباههم إلى شيء لم يكونوا منتبهين إلية.واجعل من الخجل والارتباك دافعا يدفعك إلى إجادة الإلقاء،وأعلم أن الخوف والارتباك في الدقائق الأولى شئ طبيعي ويمر على كل إنسان،وتذكر ان الخطباء ذوي الجدارة الحقيقية يتميزون بالعصبية والتوتر.
12)ـ كن أثناء عملية الإلقاء في مرحلة النضج،ولا تجعل طفلك يؤثر على عملية الإلقاء،تذكر مناطق الشعور عند الإنسان وكن حساسا ومتفهما لأحاسيسهم،ولاحظ الطفل في شخصية من تتحدث معه
13)ـ أفضل وسيلة فعالة لزيادة الثقة بالنفس في فن الإلقاء هي أن تقف وتخطب،لذلك تدرب ! تدرب ! تدرب.