هزلية مواطن عربي يبحث عن ذاته
- أيها العصفور الجميل..أريد أن أصدح بالغناء مثلك، وأن أتنقّل بحرية مثلك.
قال العصفور:
- لكي تفعل كل هذا، ينبغي أن تكون عصفوراً مثلي..أأنت عصفور؟
- لا أدري..ما رأيك أنت؟
-إني أراك مخلوقاً مختلفاً . حاول أن تغني وأن تتنقل على طريقة جنسك.
- وما هو جنسي؟
- إذا كنت لا تعرف ما جنسك ، فأنت، بلا ريب، حمار.
- أيها الحمار الطيب.. أريد أن ا نهق بحرية مثلك، وأن أتنقّل دون هوية أو جواز سفر، مثلك.
قال الحمار:
- لكي تفعل هذا.. يجب أن تكون حماراً مثلي, هل أنت حمار؟
- ماذا تعتقد؟
- قل عني حماراً يا ولدي، لكن صدّقني.. هيئتك لا تدلُّ على أنك حمار.
- فماذا أكون؟
- إذا كنت لا تعرف ماذا تكون.. فأنت أكثر حمورية مني! لعلك بغل.
- أيها البغل الصنديد.. أريد أن أكون قوياً مثلك، لكي أستطيع أن أتحمّل كل هذا القهر، وأريد أن أكون بليداً مثلك، لكي لا أتألم ممّا أراه في هذا الوطن.
قال البغل:
- كُـنْ.. مَن يمنعك؟
- تمنعني ذلَّتي وشدّة طاعتي.
- إذن أنت لست بغلاً.
- وماذا أكون؟
- أعتقد أنك كلب.
- أيها الكلب الهُمام.. أريد أن اطلق عقيرتي بالنباح مثلك، وأن اعقر مَن يُغضبني مثلك.
- هل أنت كلب؟
- لا أدري.. طول عمري أسمع المسئولين ينادونني بهذا الاسم، لكنني لا أستطيع النباح أو العقر.
- لماذا لا تستطيع؟
- لا أملك الشجاعة لذلك.. إنهم هم الذين يبادرون إلى عقري دائماً.
- ما دمت لا تملك الشجاعة فأنت لست كلباً.
- إذَن فماذا أكون؟
- هذا ليس شغلي..إ عرف نفسك بنفسك.. قم وابحث عن ذاتك.
- بحثت كثيراً دون جدوى.
- ما دمتَ تافهاً إلى هذا الحد.. فلا بُدَّ أنك من جنس زَبَد البحر.
- أيُّها البحر العظيم.. إنني تافه إلى هذا الحد.. إنفِني من هذه الأرض أيها البحر العظيم.
إحملني فوق ظهرك واقذفني بعيداً كما تقذف الزَّبَد.
قال البحر:
- أأنت زَبَد؟
- لا أدري.. ماذا تعتقد؟
- لحظةً واحدة.. دعني أبسط موجتي لكي أستطيع أن أراك في مرآتها.. هـه.. حسناً، أدنُ قليلاً
أ و و وه.. اللعنة.. أنت مواطن عربي!
- وما العمل؟
- تسألني ما العمل؟! أنت إذن مواطن عربي جداً. بصراحة.. لو كنت مكانك لانتحرت.
- إبلعني، إذن، أيها البحر العظيم.
- آسف.. لا أستطيع هضم مواطن مثلك.
- كيف أنتحر إذن؟
- أسهل طريقة هي أن تضع إصبعك في مجرى الكهرباء.
- ليس في بيتي كهرباء.
- ألقِ بنفسك من فوق بيتك.
- وهل أموت إذا ألقيت بنفسي من فوق الرصيف؟!
- مشرَّد إلى هذه الدرجة ؟! لماذا لا تشنق نفسك؟
- ومن يعطيني ثمن الحبل؟
- لا تملك حتى حبلاً ؟ أخنق نفسك بثيابك.
- ألا تراني عارياً أيها البحر العظيم؟!
- إسمع.. لم تبقَ إلاّ طريقة واحدة. إنها طريقة مجانية وسهلة، لكنها ستجعل انتحارك مُدويّاً.
- أرجوك أيها البحر العظيم.. قل لي بسرعة.. ما هي هذه الطريقة؟
- إبقَ حَيّـا
للشاعر: احمد مطر