ينبغي أن يفرّق جلياً بين الحب والدلال في تعاملنا وسلوكنا مع الأطفال ، فالطفل أحوج ما يكون
إلى الحب والرحمة والعطف والحنان ، فبالحب ينشأ الطفل متّزناً ، منضبطاً ، متفائلاً ، سعيداً،
واثقاً من نفسه ، رقيق المشاعر ، مرهف الحس ...
وبدون الحب ينشأ الطفل مهتزّ الشخصية ، يعاني النقص ، يحب الانطواء ، يؤثر الوحدة ، يرغب
في العزلة ، يشعر بالخوف والرهبة والفزع ، وقد يجنح إلى العنف والقسوة والشدة في تصرّفاته
وسلوكياته ...
بالحب وحده نستطيع أن نوجد طفلاً ناجحا في حياته ، كاملاً في نموّه ، صحيحاً في بدنه ...
والحب لا يعني أن تترك الطفل يعمل ما يشاء .. من كذب ، وسرقة ،واعتداء ، وعقوق ، وشتم ،
وتسلط ، وظلم ، وقسوة ، وغيرها من مساوئ الأخلاق !! دون ضوابط ولا معايير أو حدود . بل
أن من تمام الحب أن تعلم الطفل الصواب من الخطأ ،واللائق من غير اللائق ، وتحثه على مكارم
الأخلاق ، ومحاسن الآداب ، وتنصحه ،وتذكّره ، وتعظه .. انصح الطفل بحب وابتسامة صادقة ،
فإنه سيستجيب لك ، ويمتثل ماتريد .
لماذا بعض الآباء والأمهات والمربين ما إن يخطئ الطفل متعمّداً ، أوجاهلاً ، أو ناسياً .. سرعان
ما ينهالون عليه ضرباً عنيفاً ، أو شتماً محقراً ، أوتهزيئاً جارحاً .. وذلك يهز كيانه ، ويحطم
وجدانه ، فيستصغر نفسه ، ويحتقر ذاته ،وينشأ مهزوز الإرادة ، وقد يعاني فصاماً شخصياً ،
ويصاب بالتردد والعجز والضعف .. وهذا خطأ كبير ترتكبه الأسرة في حق طفلها ، مع أن
الرسول عليه الصلاة والسلام وهو المربي الحكيم ، والمرشد الرحيم ، لم يضرب طفلاً ، ولم يشتم
أحداً .. فمتى يعي هؤلاء ؟!!
ولا يعني حديثنا عن الحب أن نربي الطفل على الدلال ، فالدلال يحطم الطفل ، ويجعله سامجاً ،
مائعاً كالبنت في حركاته وتصرفاته ، لا يقوى على تقبل شئ ،ولا يستطيع أن يتحمل مسئولية ،
ولا يقدر على دفع الضرر عن نفسه ، ولا يريد أحداً أن يمنعه من شئ ... مع أن الطفل بحاجة إلى
شئ من الدلال .. الذي هو الحب ، والرحمة ،والعطف ، والحنان ، وضمه ، وتقبيله ، والإصغاء
إليه ، والاهتمام بحديثه ، واستشارته ... لا الدلال الذي هو الميوعة والسماجة وتحطيم معاني
الرجولة للأولاد ، وقودهم نحو التأنث بقصد أو بدون قصد . أما البنت فلا بد أن تعامل كأنثى