قصة زوج عنده كبرياء لدرجة اتفضل اقرا وشوف؟؟

بسم الله الرحمن الرحيم

شيء من الكبرياء


نهض من النوم في تمام السادسة على صوت زوجته الحنون تتحدث مع بائع الخبز عند باب الشقة وتعاتبه على أن الخبز الذي يحضره لم يعد طازجاً وطيب الرائحة كالسابق. هرع للحمام لكي لا يتأخر على موعد العمل كالأمس. كان الفطور ينتظره على الطاولة الصغيرة بعد أن اغتسل وارتدى ملابسه وزوجته كانت تصب الشاي الدافئ الذي يحبه.

"لماذا لا تتقاعد لترتاح؟ أما تعبت من العمل طول السنوات الماضية؟"
فأجابها محتداً: "أتريدينني أن تقاعد وأجلس في البيت كالنساء؟ ألست رجلاً؟ هل تظنينني عاجزاً؟"
" لم أقل ذلك يا أبا محمد، ولكنك لم تعد صغيراً وأنا بصراحة أخاف عليك من الجهد الزائد في هذا العمر"
"وما به هذا العمر؟ أنا أقوى من شباب الحي، فلا يخدعك جسدهم الممشوق ولا عضلاتهم المفتولة، إذ أنهم لا يتحملون العمل الشاق الذي أعمل به. ثم ألم أحذرك مسبقاً من فتح هذا الموضوع مجدداً؟ لقد تأخرت عن العمل، يجب أن أسرع".

خرج من المنزل وهو يكاد يثب على العتبات حتى وصل للشارع وضاع في زحامه.

كانت الزوجة تعد طعام الغداء وهي تغني أغنية شعبية مع المذياع، فهو الوحيد الذي يسلي وحدتها خلال ساعات النهار الطويلة حتى يصل زوجها في المساء ليتناولا الطعام ويشاهدا فلم السهرة على التلفاز معاً. سمعت طرقات قوية على باب الشقة، مسحت يديها مسرعة من البصل العالق بها وهرعت للباب وهي تبسمل وتحوقل. عند الباب كان ابن الجيران يلهث ويتلعثم بالكلام فلا تفهم شيئاً مما يقول. هل قال "حادث"؟ هل قال "مات"؟ ركضت خلف الطفل للشارع، نسيت حتى أن تطفئ الفرن أو أن تقفل باب الشقة، انقطعت أنفاسها وتعثرت مرتين وجرحت ركبتها حتى وصلا أخيراً إلى الشارع الرئيسي. رأت الناس متجمهرين والطريق مسدود، لا تعلم حتى الآن ما الموضوع ولا لماذا ناداها الطفل. اخترق الطفل الزحام واخترقته وراءه بدون وعي ووصلت أخيراً لمركز الدائرة. هل هذا زوجها؟ اقتربت أكثر من الجسد المسجى على الأرض يسبح في دماءه، إنه فعلاً زوجها. خرقت أذنها أصوات المحيطين بها وهم يواسونها ويعزونها. بكت وصرخت وولولت، فجعت بموت زوجها الذي رافقها مشوار حياتها منذ أن كانا في الثامنة عشرة من العمر وحتى أصبحا جدين لعدد من الأحفاد.

حضر الكثير من المعزين لسرادق العزاء، بينهم من وقف يعزي الزوجة ويخبرها بأنه كان زميل زوجها في العمل ويصف لها جدية زوجها واجتهاده في العمل لدرجة أن الإدارة تغاضت عن الكثير من القوانين لتمنحه أكبر راتب تقاعدي منح لأي عامل في الشركة. كان كلام زميله بمثابة صفعة للزوجة أيقظتها من نواحها لتسأله "راتب تقاعدي؟ كيف ذلك؟ وهل تقاعد زوجي ليتم منحه راتباً تقاعدياً؟" فأجابها مذهولاً " لقد تقاعد زوجك منذ عامين، ألم تعلمي بذلك؟" حينها فقط استرجعت الزوجة كل التفاصيل التي لم تكن تسترعي انتباهها خلال الفترة الماضية وتذكرت كيف توقف زوجها عن الثرثرة عن زملائه في العمل منذ مدة طويلة وكيف أصبح يعود للمنزل مساء وقد تركت الشمس آثارها على وجهه من كثرة التجوال في الشوارع حتى يحين موعد عودته للمنزل.