منتدى جامعة الأقصى

تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 837438
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يشرفنا دخولكم على هذا المنتدى
يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 61195 شكراتفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 61195
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 3390 ادارة المنتدي تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 3390
منتدى جامعة الأقصى

تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 837438
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة

يشرفنا دخولكم على هذا المنتدى
يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 61195 شكراتفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 61195
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 3390 ادارة المنتدي تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 3390
منتدى جامعة الأقصى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلا و سهلا بك يا ツزائر نورت منتدى جامعة الأقصىツ
 
الرئيسيةجامعة الأقصىأحدث الصورخدمات الطلابالجامعة في صورتفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Spktsإرسال استسفار للمديرتقدم بشكواك هنا وسنقوم بالرد عليك برسالة بريد الكترونيالتسجيلدخول
...



 More Twitter Facebook
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
تحدث مع إدارة المنتدى
عندما تكون الأيقونة
 باللون الأخضرأكون متواجداً
بإمكانك النقرعليها لمحادثتي
إذا كان لديك استفسار
 
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
صندوق الشكاوي
إذا كان لديك
شكوى ضعها
لنقم بالاجابة
عليها
المواضيع الأخيرة
» عذراً لكل من اخطأت بحقه .. دعوة للتسامح أعتذر لكل من أخطأت بحقه بقصد أو بغير قصد
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالخميس 19 أغسطس 2021, 9:43 pm من طرف نــدى الأيـــااااااام

» الدكتور : غازي ابو خماش .
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالأربعاء 09 يونيو 2021, 2:37 pm من طرف noor maha

» دور الانترنت في تطوير البحث العلمي
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالثلاثاء 02 فبراير 2021, 2:01 pm من طرف noor maha

» دور الانترنت في تطوير البحث العلمي
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالأحد 31 يناير 2021, 2:54 pm من طرف noor maha

» دور الإنترنت في تطوير البحث العلمي
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالخميس 17 ديسمبر 2020, 2:54 pm من طرف noor maha

» دروس في قواعد اللغة الانجليزية لكل المستويات
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالأحد 04 ديسمبر 2016, 11:25 pm من طرف ميوسة الملفوح

» دورالتربية العربية في مواجهة الفكر التربوي في إسرائيل
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالسبت 30 يناير 2016, 4:07 pm من طرف dr.ahmed

» التربية الإسلامية في مواجهة التحديات
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالسبت 30 يناير 2016, 3:19 pm من طرف dr.ahmed

» دور التربية في تصحيح مفاهيم العولمة
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالجمعة 29 يناير 2016, 5:26 pm من طرف dr.ahmed

» الإنترنت ودوره في تطوير البحث العلمي
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالثلاثاء 26 يناير 2016, 10:50 pm من طرف dr.ahmed

» التربية الإسلامية وتحديات العصر
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالإثنين 25 يناير 2016, 9:46 pm من طرف dr.ahmed

» معالم التغير التربوي لدي سيد قطب من خلال كتاباته
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالإثنين 25 يناير 2016, 9:09 pm من طرف dr.ahmed

» الإنترنت ودوره في تطوير البحث العلمي
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالسبت 23 يناير 2016, 10:50 pm من طرف dr.ahmed

» الإنترنت ودوره في تطوير البحث العلمي
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالسبت 23 يناير 2016, 9:49 pm من طرف dr.ahmed

» قلق الاختيار في العلاقة ببعض المتغيرات المرتبطة بطلبة وطالبات الثانوية العامة
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالأربعاء 23 ديسمبر 2015, 8:59 pm من طرف dr.ahmed

مواضيع هامة

زوار المنتدى
free counters
لإعلاناتكم
 
لإعلاناتكم
يرجى مراسلتنا
 
 

 

 تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
قمر فلسطين
+ عضو محترف +
+ عضو محترف +
قمر فلسطين



تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Empty
مُساهمةموضوع: تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46   تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالسبت 12 فبراير 2011, 6:38 pm

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] ... ( 1 )((ألم)) تقدّم ما يُحتمل أن يكون تفسيراً له .....
( 2)((اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)) فليس له شريك وهو الحي الذي لا يموت وإن كانت الحياة بالنسبة إليه تعالى تخالف الحياة بالنسبة إلينا فإن حياتنا غير ذواتنا وإنما هي صفة قائمة بنا بخلاف الحياة فيه سبحانه فإنه عين ذاته، و(القيّوم) هو القائم على كل نفس بما كسبت وعلى كل شيء .......
( 3)((نَزَّلَ عَلَيْكَ)) يارسول الله ((الْكِتَابَ ))، أي القرآن ((بِالْحَقِّ )) لا بالباطل فإن الإنزال قد يكون بالباطل وقد يكون بالحق ((مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ )) على موسى (عليه السلام) ((وَالإِنجِيلَ)) على عيسى (عليه السلام) ......
( 4)((مِن قَبْلُ )) إنزال القرآن عليك، وكل هذه الكتب ((هُدًى لِّلنَّاسِ )) فإنها تهديهم من الظلمات إلى النور ومن الباطل إلى الحق ومن الضلال إلى الرشاد ((وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ )) الفارق بين الحق والباطل وهو أعم من الكتب السابقة وسائر ما أُنزل على أنبياء الله ورُسُله ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ )) بحجج الله ودلالاته ((لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ )) في الدنيا بالفوضى والهرج والمرج والمشاكل كما قال تعالى (ومَن أعرضَ عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكا) وفي الآخرة بالعقاب ((وَاللّهُ عَزِيزٌ )) له العزّة والقدرة بأن يفعل ما يشاء ((ذُو انتِقَامٍ)) ينتقم ممن حادّه وعصاه .........
( 5)((إِنَّ اللّهَ لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء)) فلا يظن عاصٍ أنه يخفى على الله سبحانه، فإنه يعلم كل شيء في الكون حتى وساوس وهواجس الصدور .....
( 6)((هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ ))، أي يُعطيكم الصورة في بطون أمهاتكم ((كَيْفَ يَشَاء )) من رجل وإمرأة وجميل وقبيح وقصير وطويل وغيرها، فكيف يخفى عليه شيء وهو يفعل مثل هذا الفعل الدقيق في ذلك المحل المظلم ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ )) فهو وحده إله الكون وخالقه ((الْعَزِيزُ)) في سلطانه ((الْحَكِيمُ)) فما يفعل شيئاً عبثاً بل يفعل ما يفعل بالحكمة.
( 7) ((هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ )) يارسول الله ((الْكِتَابَ ))، أي القرآن ((مِنْهُ ))، أي قسم من الكتاب ((آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ )) غير مشتبهات فالمفاد منها واضحة لا يخفى على أهل اللسان كقوله سبحانه (قل هو الله أحد) ((هُنَّ ))، أي تلك الآيات المحكمات ((أُمُّ الْكِتَابِ ))، أي أصله الذي يرجع إليه لدى الشك والخصام والجدال ((وَأُخَرُ ))، أي آيات أُخر ((مُتَشَابِهَاتٌ )) والمتسابه هو الذي يحتمل وجهين أو وجوهاً مما يسبب عدم إدراك الناس كلهم لها من تشابه، وإنما يُؤتى به أما إمتحاناً يُعرف المؤمن من المنافق أو لتقريب المطلب إلى أذهان الناس الذين لا يدركون الحقائق ككثير من آيات الصفات ونحوها كقوله سبحانه (إلى ربها ناظرة) حيث أُريد تفهيم أن المؤمنين ينظرون إلى رحمة الله، أو كقوله (ثم استوى إلى السماء) أو لأن المطلب دقيق لا يتحمله بعض العقول كآيات الجن والشيطان مما لا يتحملها عقل من أَلِفَ المادة فيشتبه الأمر عليه أو لأنه جيءَ به لاعتبار كلامي فاشتبه الأمر نحو (نسوا الله فنسيهم) أو غير ذلك، والمتشابه مما لابد منه في الكلام الراقي كما لا يخفى بأدنى تأمّل ((فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ))، أي ميل عن الحق وانحراف أما جهلاً أو عناداً ((فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ )) إتباعاً على خلاف المراد منه ويوجّهون المتشابه حسب أهوائهم ومشتهياتهم كما يقول القائل بالتجسّم من (إلى ربها ناظرة) وبالجبر من (ومن يُضلِل الله فما له من هاد) وبمعصية الأنبياء من (وعصى آدم ربّه فغوى) ويكون الإسلام خاصاً بالعرب من (وإنه لذِكر لك ولقومك) وهكذا ((ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ ))، أي لأجل تفتين الناس وإضلالهم ((وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ ))، أي لأجل أن يكون له مجال في تأويل الكلام على غير المراد منه ليطابق هواه ومشتهاه ((وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ )) التأويل هو ما يؤول وينتهي إليه الكلام فمثلاً ظاهر (إلى ربها ناظرة) أنهم ينظرون إلى الله لكن هذه الجملة تُؤوّل إلى معنى أنهم ينظرون إلى رحمة الله ولُطفه وثوابه، كما يُقال في العرف "أني أنظر إلى العقل وهو يسيّر الإنسان" أنه لا يريد النظر بالعين وإنما عرفان ذلك ((إِلاَّ اللّهُ )) فهو سبحانه يعلم المراد من كلامه ((وَالرَّاسِخُونَ ))، أي الثابتون ((فِي الْعِلْمِ )) الذين لهم إطّلاع على المعلومات وبأساليب الكلام وبما يدلّ عليه العقل والشرع، وهذا ليس ببدع فإن القوانين المدنية لا يعرفها إلا من درس وأتقن أساليب الكالم العربي لا يعرفها إلا من أتقن الأدب والبلاغة وهكذا، إن الراسخين يعلمون تأويل المتشابه في حال كونهم ((يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ))، أي بالمتشابه كما آمنّا بالمحكم ((كُلٌّ )) من المحكم والمتشابه ((مِّنْ عِندِ رَبِّنَا )) فإذا لم يظهر المعنى في بادئ النظر لا ينكرون ولا يقولون بالتناقض، فإنهم جمعوا بين فضيلتي العلم بالتأويل والإذعان بصحة المتشابه بخلاف الجهّال فإنهم يعترضون على المتشابه أولاً ويفسرون حسب أهوائهم ثانياً، وهكذا نجد الآن في العُرف العالم الورع يجمع بين الفضيلتين والجاهل الذي يشتمل على الرذيلتين ((وَمَا يَذَّكَّرُ ))، أي يتذكّر ويردّ المتشابه إلى المحكم وإلى ما دلّ من العقل والنقل ((إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ))، أي أصحاب العقول الحصيفة، ثم أنه ورد في الأحاديث أن المراد بالراسخين النبي والأئمة (عليهم السلام) ولا يخفى أنهم من أجلّ مصاديق الراسخين وذلك هو المراد لا الإنحصار ...
(Cool إن الراسخين في العلم يلتجأون إلى الله سبحانه قائلين ((رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا ))، أي لا تُمِلها عن الحق وإنما نسب الزيغ إليه سبحانه لأنه هو الذي هيّءَ الأسباب ليمتحن عباده فترْك الإنسان وعدم اللُطف به حتى يقع فريسة الشيطان من صنع الله سبحانه كما يُقال "أن الملك أفسد الرعيّة" لا يُراد أنه أفسدهم وإنما يُراد تركهم حتى يفسدوا، ولا يخفى الفرق بينه سبحانه وبين الملك لرعيته فإن الله حيث خلق الدنيا للإختبار لابد وأن يهيّء الوسيلتين ليُظهِر المُطيع من العاصي كما قال (كلاًّ نمد هؤلاء وهؤلاء) بخلاف الملك فإنه لا يحق له أن يفسد الرعيّة حتى بتركهم وما يشاؤون فإنه يأمر بالصلاح والإصلاح كما إن الله تعالى يسبل النعم على الجنات ولا يعاقبهم عقوبة ظاهرة في الدنيا وليس ذلك يجوز للملوك فإنه يجب إيقاف الجاني عند حدّه وإجراء العقاب عليه ثم أن الإنسان مهما كان من الرسوخ في العلم فإنه معرّض للزلّة كما زلّ "بلعم" قال سبحانه (كمثل الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) ولذا يدعو الراسخون ربهم سبحانه أن لا يقطع عنهم لُطفه الخاص ولا يتركهم ليلعب بهم الشيطان كما يشاء إذ ((بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا )) إلى دينك ((وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ ))، أي من عندك ((رَحْمَةً )) ولُطفاً نثبت بها على دينك وطاعتك ((إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ)) الكثير الهبة لمن تشاء بما تشاء .........
(9)((رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ )) تجمعهم ((لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ )) هو يوم القيامة الذي لاشك فيه عند ذوي العقول وإن شكّ فيه أُناس لا يصيب لهم من العلم والمعرفة وقد تقدّم وجهه في أول سورة البقرة ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ))، أي الوعد الذي وعده أنبيائه والبشر بيوم القيامة، فلا تزغ قلوبنا حتى نكون ذلك اليوم من المطرودين أو هذا إظهار من الراسخين بالإعتراف بالبعث وأنهم جمعوا بين فضيلتي الإعتراف بالمبدء والمعاد ......
( 10)((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ )) من الذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون المتشابه وغيرهم من سائر الكفار ((لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ )) كي يُعطوها فينجو من عذاب الله سبحانه كما تنفع الفدية في الدنيا ((وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ اللّهِ ))، أي من عذاب الله وسخطه ((شَيْئًا )) فلا يتمكن أولادهم أن يقفوا ليمنعوا عنهم العذاب ((وَأُولَئِكَ )) الكفار ((هُمْ وَقُودُ )) الوقود الحطب وكل ما يوقد به النار ((النَّارِ)) يوم القيامة تتّقد النار بأجسامهم كما تتّقد النار بالحطب والنفط ونحوها في النار .....
( 11)((كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ )) الدأب العادة، أي عادة هؤلاء الكفار في التكذيب بك وبما أُنزل إليك كعادة آل فرعون الذين كذّبوا الرُسُل ((وَ)) كعادة ((الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ )) من سائر الكفار الذين كانوا يكفرون بآيات الله ويكذّبون أنبيائه ((كَذَّبُواْ )) جميعاً ((بِآيَاتِنَا ))، أي بدلائلنا الدالة على التوحيد وسائر الأصول ((فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ ))، أي بسبب عصيانهم ومعاصيهم، ومعنى الأخذ العقاب، أي عاقبهم كقوله (وكذلك أخذ ربك إذ أخذ القرى وهي ظالمة) ((وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)) فليس عقابه كعقاب سائر الناس، وإنما (نار أحاطت بهم سرادقها وإن يستغيثوا يُغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه) .
( 12)((قُل )) يارسول الله ((لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ سَتُغْلَبُونَ ))، أي بعد قليل يكونون مهزومين أما في الدنيا بغلبة الإسلام، كما صار كما أخبر حيث إن الإسلام غلبهم وأخذ بلادهم ((وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ)) يوم القيامة، وأما في الآخرة بمعنى أنكم بعد قليل تُهزمون أمام أمر الله سبحانه يقبضكم ملك الموت الذي وُكّل بكم، وبعد ذلك تُحشرون إلى جهنم يوم القيامة ((وَبِئْسَ الْمِهَادُ))، أي بئس ما مُهّد لكم أو ما مهّدتم لأنفسكم ...........
( 13) ولما بيّن سبحانه أن الكفار سيُغلبون بيّن لذلك شاهداً محسوساً في قصة بدر حيث كان المسلمون ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً والكفار ألف رجل ولم يكن للمسلمين من العتاد إلا شيئاً ضئيلاً بينما كان الكفار بأكمل السلاح ومع ذلك فقد غلب المسلمون عليهم بنصر الله سبحانه ((قَدْ كَانَ لَكُمْ )) أيها المسلمون أو أيها الكفار ((آيَةٌ ))، أي علامة على صدق الرسول وأن الله ينصره ويهزم الكفار ((فِي فِئَتَيْنِ ))، أي جماعتين : جماعة المسلمين وجماعة الكفار ((الْتَقَتَا )) من الملاقات إلى إجتمعتا ببدر ((فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ )) وهم المسلمون ((وَ)) فئة ((أُخْرَى كَافِرَةٌ )) وهم المشركون الذين أتوا من مكة ((يَرَوْنَهُم ))، أي يرى المسلمون الكفار ((مِّثْلَيْهِمْ))، أي ضعف أنفسهم ((رَأْيَ الْعَيْنِ )) فلم يكن ذلك خيالاً وإنما واقعاً فإن الكفار في الواقع كانوا أكثر، ومع ذلك فقد غلب المسلمون، ولعل النكتة في ذِكر ذلك بيان أن المسلمين غلبوا مع أنهم كانوا يعلمون بزيادة الكفار عليهم وإن ذلك يدلّ أن الله نصرهم وإلا فإن الجيش إذا عَلِمَ أن العدو أكثر منه وَهَنَ في عضده ويسبّب ذلك إنهزامه في أكثر الأحيان، وفي الآية أقوال أُخر مذكورة في التفسيرات ((وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء ))، اي يقوّي بنصره فلا يضرّهم قلة عددهم وعُددهم ((إِنَّ فِي ذَلِكَ )) المذكور وهو غَلَبة المسلمين على المشركين مع إن الكفار كانوا ثلاثة أضعافهم ((لَعِبْرَةً ))، أي إعتبار هو بمعنى الآية وإنما سميت الآية عِبرة لأنها تعبر بالإنسان من الجهل والغفلة إلى العلم والتذكّر ((لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ))، أي أصحاب العقول، وليس المراد بالبصر النظر بالعين وإنما النظر بالقلب كما يُقال "فلان بصير بالأمور" أي يعرفها ويدركها ..
( 14) وهنا يتسائل الإنسان ماذا صرف الكفار عن الحق وهم يرونه, ويأتي الجواب أن الذي صرفهم هو جمال الدنيا ومالها كما قال الإمام (عليه السلام) : (لكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها) ((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ ))، أي أن حب الإنسان للمشتهيات والملذات سبّب لهم أن تتزيّن الدنيا في نفوسهم فيطلبون اللذائذ ولو في المحرّمات، ولم يذكر الفاعل لأنه ليس بمقصود وقد تقرر في علم البلاغة أن مقتضاه أن لا يذكر الفاعل أو المفعول حيث لم يكن مقصوداً ((مِنَ النِّسَاء )) بيان "الشهوات" ((وَالْبَنِينَ )) فإن حب الأولاد يسبّب إطاعتهم والتحفّظ عليهم ولو بذهاب الدين ((وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ )) القناطير جمع "قنطار" وهو ملاء مسك ثور ذهباً، وإنما سمي قنطاراً لأنه يكفي للحياة فكأنه قنطرة يعبر بها مدة الحياة, والمقنطرة بمعنى المجتمعة المكدّسة كقولهم "دراهم مدرهمة ودنانير مدنرة" ((مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ )) فإن الإنسان بحبه للأموال يعصي الله في جمعه وفي عدم إعطاء حقوقه ((وَالْخَيْلِ )) عطف على النساء, والخيل الأفراس ((الْمُسَوَّمَةِ )) من سوّم الخيل إلى علمها ولا تُعلّم إلا الجيد الحسن منها ((وَالأَنْعَامِ )) جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم ((وَالْحَرْثِ ))، أي الزرع فإن هذه كلها مُحبّبة للناس، لكن ((ذَلِكَ )) كله ((مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ))، أي ما يستمتع به في الدنيا ولا تنفع الآخرة إلا إذا بذلت في سبيل الله -كلٌّ حسب بذله- ((وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ)) المآب المرجع، أي أن المرجع الحسن فس الآخرة منوط بالله سبحانه فاللازم أن يتزهّد الإنسان في الملذات ولا يتناول المحرّم منها رجاء ثواب الله ونعيمه المقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال، فلا تسبّب هذه المشتهيات عدول الإنسان عن الحق إلى الباطل وعن الرشاد إلى الضلال ......
(15) ((قُلْ )) يارسول الله للناس الذين زُيّن لهم حُبّ الشهوات ((أَؤُنَبِّئُكُم ))، أي هل تريدون أن أخبركم ((بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ ))، أي بأحسن من هذه الشهوات، و"كُم" خطاب للناس ((لِلَّذِينَ اتَّقَوْا)) المحرّمات وعملوا حسب أوامر الله سبحانه ((عِندَ رَبِّهِمْ )) في الآخرة ((جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ))، أي من تحت أشجارها ونخيلها وقصورها ((خَالِدِينَ فِيهَا )) فإنهم يسكنون الجنة أبد الآبدين لا زوال لهم ولا تحويل ((وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ))، أي نساء طاهرة من الأقذار الظاهرية كالحيض والوساخة والأقذار الباطنية كسوء الخُلُق والحقد والعداوة ((وَ)) أكبر من كل ذلك ((رِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ )) فإن الله راضٍ عنهم ومتى شَعَرَ الإنسان برضى الله سبحانه منه تنعّم بأفضل نعمة نفسية كما لو عَلِمَ فرد من الرعية أن الملك يحبه ويرضى عنه ((وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)) خبير بأفعالهم وأعمالهم فيجازيهم حسب ما يفعلون ....
( 16) ثم وصف سبحانه المتقين الذين سبق ذكرهم بقوله (للذين اتقوا) فالمتقون هم ((الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا ))، أي صدّقنا بك وبرسلك وبما أمرت ووعدت ((فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ))، أي تجاوز عما صدرت منّا من الخطايا ((وَقِنَا ))، أي إحفظنا من "وقى" و"يقي" بمعنى حفظ ((عَذَابَ النَّارِ)) حتى لا نكون من أهلها ..........
( 17) ((الصَّابِرِينَ )) صفة أخرى للمتقين فأولئك هم الصابرون في المصائب وعند الطاعة ولدى المعصية ((وَالصَّادِقِينَ )) في نيّاتهم وأقوالهم وأفعالهم ((وَالْقَانِتِينَ )) من القنوت بمعنى الإطاعة والخضوع ((وَالْمُنفِقِينَ )) لأموالهم في سبيل الله سبحانه ((وَالْمُسْتَغْفِرِينَ )) الذين يطلبون غفران ذنوبهم ((بِالأَسْحَارِ)) جمع "سَحَر" وهو ما يقرب من طلوع الفجر آخر الليل ......
( 18) ويناسب السياق هنا الإشارة إلى صفات الباري عزّ إسمه حيث تقدّم ذِكر من التقوى وأوصاف المتقين الذين يعملون لله سبحانه ((شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ )) وشهادة الله لفظية وواقعية فإن الشهادة إظهار المطلب باللسان وقد أظهر الله سبحانه وحدته وسائر صفاته بما هو أقوى وأثبت وأولى من اللفظ، وهو خلق المصنوعات التي تشهد جميعها بصفاته كما قال الشاعر "وفي كلّ شيء له آية تدل على أنه واحد" وإنما تشهد المصنوعات على الوحدة لأنه لو كان فيهما آلهة إلا الله لَفَسَدَتا فعدم الفساد دليل الوحدة -كما تقدّم في علم الكلام- ((وَالْمَلاَئِكَةُ )) شهدوا بالوحدانية شهادة لفظية وحقيقية ((وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ )) أصحاب العلم الذين يدركون، لأا كل من يدّعي العلم، فإنه من ينظر إلى الكون نظر عام معتبر لابد له من الإذعان بالوحدانية ((قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ ))، أي في حال كونه سبحانه قائماً بالعدل، فإن القسط بمعنى العدل، ومعنى قيامه سبحانه بالعدل أنه يفعل ما يفعل بالعدل، فخلقه وتقديره وتشريعه كلّ بالعدل، ومعنى العدل الإستواء مقابل الظلم الذي هو الإعوجاج والإنحراف، فمثلاً جعل الشمس في السماء عدل لأنها تنير وتُشرق وتقيم المجموعة الشمسية بينما عدمها إنحراف وظلم، وكذلك تقدير هذا غنياً وذاك فقيراً وهذا رئيساً وذاك مرئوساً بالعدل، وما يُشاهد في ذلك من الإنحراف فإنه ليس من التقدير وإنما من سوء إختيار الناس، وكذلك تشريع الصلاة واجبة والخمر محرّمة بالعدل، يُقال أن رجلاً سأل كسرى عن سبب عدله قال : لعدة أسباب منها أني رأيت في الصحراء يوماً كلباً كسر رجل غزال فما لبث أن رماه إنسان بحجر فكسر رجله فلم تمضِ على ذلك لحظات إلا بالفرس عثر فانكسرت رجله، وهناك علمت أن الظلم عاقبته وخيمة ... ، والإنسان إذ لم يجهل أكثر الأشياء فهو كمن يعترض على أدوية وصفها الطبيب وهو لا يعرف من الطب شيئاً ، ولفظة "قائماً" فيه إيمائة لطيفة فإن القائم يشاهد ما لا يشاهده القاعد إذ هو مسيطر مشرف ((لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ )) تكرار للتأكيد فإن العالم قبل الإسلام كان مرتطماً في أوحال الشرك حتى جاء الإسلام أظهر التوحيد وجدّد ما محى من سنن الأنبياء وإرشادهم حول المبدء تعالى ((الْعَزِيزُ)) في سلطانه ((الْحَكِيمُ)) الذي يفعل كل شيء عن حكمة وعلم .....
( 19) وبعد ما تقرّر التوحيد والعدل التي دور الدين الذي أرسله الله سبحانه إلى العباد ((إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ )) والدين هي الطريقة التي تؤمّن السعادة للبشر دنيا وآخرة، أنه عند الله الإسلام، وإن كان عند غيره اليهودية والنصرانية والمجوسية وغيرها، فإنّ الله سبحانه لم يرسل إلا الإسلام والإسلام هو دين الأنبياء جميعاً فإنه عبارة عن تسليم منهج الأعمال إلى الله الذي خلق الكون وهو أعلم بالنظام المساوي له الذي إن تبعه البشر عاش سعيداً ومات حميداً، وقد ذكرنا سابقاً أن الإختلاف بين الأديان السماوية الواقعية في شرائط ومزايا لا في الجواهر والأصول ((وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ))، أي ليس إختلاف أهل الكتاب بعضهم مع بعض وجيعهم مع المسلمين ((إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ )) فعرفوا الصحيح من السقيم والحق من الباطل وإنما إختلفوا ((بَغْيًا ))، أي حسداً ((بَيْنَهُمْ )) فلم يقبل اليهود أن يرضخوا لعيسى (عليه السلام) حسداً، ولم يقبل النصارى أن يؤمنوا بنبي الإسلام (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حسداً، كما قال سبحانه (أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله) ((وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ )) فلم يؤمن بها فلا يظن أنه ربح وتهنّأ بدنيا باقية بل خسر وذهبت دنياه وآخرته ((فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ)) يحاسب الكفار في الدنيا بأنواع من البلايا والمصائب كما قال (من أعرض عن ذِكري فإنّ له معيشةً ضنكا) وفي الآخرة بما إقترفوه من الكفر والآثام، والآخرة قريبة جداً فإن "من فاته اليوم سهم لم يفته غداً" قال الشاعر "ألا إنما الدنيا كمنزل راكب أناخ عشيّاً وهو في الصبح راحل" .....
( 20)((فَإنْ حَآجُّوكَ )) يارسول الله وجادلوك في أمر التوحيد بعد وضوح الحجّة ((فَقُلْ )) لهم ((أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ )) فأنا لا أعبد إلا الله سبحانه لا أتخذ له شريكاً، وإسلام الوجه كناية عن الإسلام المطلق إذ تسليم الوجه إلى نحو يدل على تسليم القلب وسائر الجوارح ((وَمَنِ اتَّبَعَنِ))، أي الذين إتّبعوني هم أيضاً أسلموا وجوههم لله فقط دون غيره ((وَقُل )) يارسول الله ((لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ ))، أي أُعطوا الكتاب السماوي من اليهود والنصارى والمجوس ((وَ)) لـ ((الأُمِّيِّينَ )) من المشركين الذين لا كتاب لهم، وُسموا أمّيّين أما لجهلهم نسبة إلى الأم وأما لأنهم من أهل مكة -أم القرى- ((أَأَسْلَمْتُمْ ))، أي هل أسلمتم وجوهكم لله وحده -بلا جدال ونقاش معهم بعد ما تمّت عليهم الحجّة- ((فَإِنْ أَسْلَمُواْ )) وتشرّفوا بدين الإسلام ((فَقَدِ اهْتَدَواْ)) إلى الحق وإلى طريق مستقيم ((وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ )) أن تبلغهم الإسلام وليس عليك إجبارهم حتى لا يتولّوا وحتى لا يُعرِضوا ((وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)) لا يفوته شيء من أعمالهم فهو يجازيهم بكفرهم وميثاقهم كما يجزيهم على إيمانهم وإطاعتهم ......
(21) ثم بيّن سبحانه أن أهل الكتاب كفروا بالله قديماً وقتلوا الأنبياء تسلية للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن لا يضيق صدره بتكذيبهم ولجاجتهم ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ )) فلا يقبلونها بعد وضوحها وعلمهم بها ((وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ )) فإن قتل النبي مطلقاً ليس بحق وإنما يأتي القيد إفادة لأنه لا حُجّة لهم في قتل الأنبياء حتى أنه ليس هناك حق مدّعى أيضاً ((وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ ))، أي بالعدل ((مِنَ النَّاسِ )) فإنّ أهل الظلم والباطل الذين تتمثّل فيهم القوة غالباً يقتلون من ينهاهم عن ذلك ويأمر بالقسط والعدل ((فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)) وكلمة البشارة إستهزاء أو بعلاقة إستعمال الضد في الضد كتسمية الزنجي بالكافور والأعمى بالبصير، أو للمقابلة نحو (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فإنّ المؤمن يُبشّر بالثواب والكافر يُبشّر بالعقاب ....
( 22)((أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ )) الخيرية فإن لكل إنسان أعمال خيرية وإن كان كافراً، ومعنى حبط العمل بطلانه وعدم إفادته ((فِي الدُّنْيَا )) فإن كفرهم سبّب هدر دمهم فعملهم الخير لم ينفعهم في حقن دمهم أو أعمال الخير التي تدفع البلايا والآفات لا تنفع مع الكفر والإنحراف ((وَالآخِرَةِ )) فلا تفيدهم أعمالهم الحسنة ثواباً كما قال سبحانه (وقَدِمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا) ((وَمَا لَهُم ))، أي ليس لهم ((مِّن نَّاصِرِينَ)) ينصرونهم من عذاب الله وسخطه .....
( 23)((أَلَمْ تَرَ )) يارسول الله، ومعناه إفادة العلم بهذا الإستفهام ((إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ ))أُعطوا ((نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ ))، أي بعضاً منه لأنهم بتحريفهم الكتاب قد فقدوا بعضه كما قال سبحانه (نسوا حظاً مما ذُكّروا به) ((يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ )) يدعوهم الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى كتاب الله ليجعل حكماً بينهم وأن محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حق أم لا فقد كان في التوراة والإنجيل صفاته (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولذا كان يدعوهم إلى تحكيم كتابهم في هذا الأمر لكنهم بم يكونوا يقبلون ((ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ))، أي يُعرض عن تحكيم الكتاب وإنما قال "فريق" لأن بعضهم دخل في الإسلام بعد ما تمت له الدلالة والإرشاد كعبد الله بن سلام وغيره ((وَهُم مُّعْرِضُونَ)) عن الحق وعن كتابهم، وفي بعض الأحاديث أن الآية نزلت في مسألة زنا وقع بين يهودي ويهودية وكان حكمهما الرجم في التوراة ورجعوا إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعله يحكم بغير ذلك فحكم الرسول بينهم بما فيالتوراة فكرهوا ذلك .........
( 24)((ذَلِكَ )) الإعراض عن كتابهم وعن أوامر الله سبحانه ((بِـ)) سبب ((أَنَّهُمْ )) آمنوا العقوبة بما لفّقوه من الكذب حيث ((قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ ))، أي نار جهنم على فرض كفرنا وعصياننا ((إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ )) سبعة أيام أو أربعين يوماً، وهذه المدة قليلة فلا ينبغي ترك الشهوات والرئاسة لأجلها ((وَغَرَّهُمْ ))، أي خدعهم ((فِي )) باب ((دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ))، اي الذي إفتروه ونسبوه إلى الدين من أن النار أيام عديدة فقط خدعهم وغر|هم ..
( 25)((فَكَيْفَ )) حالهم إذا إنكشف غرورهم ((إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ )) القيامة الذي ((لاَّ رَيْبَ فِيهِ ))، أي ليس محل إرتياب وشك ((وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ))، أي يُعطى كل إنسان جزائه وافياً غير منقوص ((وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)) بل يجزون على حسب أعمالهم ........
( 26) وهنا يتوجه السياق إلى كون المُلك لله فليس لأهل الكتاب أن يحسدوا الرسول والمسلمين فيما أوتوا من حول وطول وعزة ومُلك وفي بعض الأحاديث أن الآية نزلت بعدما بُشّر الرسول والمسلمين بأنهم يفتحون مُلك فارس والروم فاستهزأ الكفار بذلك وقالوا أنّى يمون لمثل هؤلاء أن يسيطروا على تلك الدولتين العظيمتين ((قُلِ )) يارسول الله ((اللَّهُمَّ ))، أي ياالله، والميم بدل عن حرف النداء ((مَالِكَ الْمُلْكِ )) مالك منصوب على أنه مناد مضاف، أي يامالك المُلك فكل شيء لك وحدك لا شريك وملك من عداك إنما هو مجازي إعتباري ((تُؤْتِي ))، أي تُعطي ((الْمُلْكَ مَن تَشَاء )) أن تعطيه ((وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء )) أن تنزع عنه من غير فرق بين أن يكون المُلك سلطاناً أو مُلكاً لشيء كالدار والعقار ((وَتُعِزُّ مَن تَشَاء )) أن تعزّه عزّة ظاهرية أو باطنية بالإيمان والطاعة ((وَتُذِلُّ مَن تَشَاء )) أن تذلّه ((بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) فتقدر على الإعطاء والمنع وأن تعزّه وتذلّه ...
( 27)((تُولِجُ ))، أي تُدخل ((اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ )) فيأخذ الليل مكان النهار، فيما ينقص اليوم ويزيد الليل، أو فيما إذا جاء الليل وذهب النهار، وهو كناية إذ ليس الإدخال حقيقة ((وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ )) بأحد المعنيين السابقين ((وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ )) كما يخرج النبات الحي من الحبّ الميت والأرض الميتة، أو يُخرج الجنين الحي من الأم الميتة كما قد تموت الأم ويخرج الولد منها حياً ((وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ )) كما يخرج الحب الميت من النبات الحي والبيضة الميتة من الدجاجة والولد الميت من المرأة الحية إذا مات الجنين في بطنها، وفي التأويل إخراج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ((وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء )) من عبادك وخلقك ((بِغَيْرِ حِسَابٍ))، أي بغير تقتير كما يُقال "فلان ينفق بغير حساب" أو بلا حساب من المنفق عليه وإن كل شيء عنده تعالى بحساب ......
( 28) وحيث ثبت أن المُلك بيد الله والعزّة والذلّة منه فـ ((لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء )) بأن يصادق المؤمن الكافر بزعم أن ينفعه لأن بيد الكافر الملك أو أنه يسبّب عزّته وشوكته ((مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ ))، أي من دون أن يتخذ المؤمنين أولياء بل اللازم أن يتخذ المؤمن المؤمن ولياً ويتخذ الكافر عدواً ((وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ )) الإتخاذ للكافر ولياً ((فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ ))، أي ليس ذا قدر عند الله سبحانه ((إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً )) ((وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ ))، أي يخوّفكم الله من نفسه فإنّ من يتّخذ الكافر ولياً يشمله عقاب الله سبحانه ((وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ))، أي المرجع فمن عصاه يجازيه بالنار والعذاب .....
(29)((قُلْ )) يارسول الله للمسلمين ((إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ ))، أي نواياكم وما في قلوبكم، كما إتخذتم الكافر ولياً في قلبكم مما لم يعلم به الناس ((أَوْ تُبْدُوهُ ))، أي تظهروه ((يَعْلَمْهُ اللّهُ )) فإنه العالم بالنوايا وما في الصدور ((وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ )) فهو العالم بكل شيء فكيف لا يعلم ما في صدوركم ((وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) فهو العالم بالنوايا والقادر على العقاب فمن الجدير بالمسلم أن لا يتّخذ الكافر ولياً أو المؤمن عدواً حتى في قلبه إذ يعلمه الله ويقدر على عقابه ......
( 30) إذكروا أيها الناس ((يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا ))، أي تجد كل أعماله الخيرية كما قال سبحانه (ووجدوا ما عملوا حاضرا) ومعنى حضور العمل حضور حساباتها وثوابها وعقابها أو تجسّم الأعمال -كما ذهب إلى ذلك بعض- ((وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوَءٍ ))، أي تجد أعماله السيئة حاضرة ((تَوَدُّ )) تلك النفس العاصية ((لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا ))، أي بين النفس ((وَبَيْنَهُ))، أي بين ما عملت من سوء ((أَمَدًا بَعِيدًا ))، أي مكاناً بعيداً تشبيه بالأمر المحسوس فكما أن المتباعدين لا يتلاقيان فعلاً كذلك لو كان العمل السيء بعيداً عن عامله ((وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ)) حتى تخافوا من عقابه فتتّقوه (( وَاللّهُ رَؤُوفُ )) ذو رأفة ورحمة ((بِالْعِبَادِ)) ومن رأفته يحذّركم عن المعاصي حتى لا يأخذكم وبالها وعاقبتها ....
( 31)((قُلْ )) يارسول الله ((إِن كُنتُمْ )) أيها المسلمون، أو ياأهل الكتاب ((تُحِبُّونَ اللّهَ )) حقيقة وتصدّقون في مقالتكم هذه ((فَاتَّبِعُونِي )) فيما آمر وأنهي ((يُحْبِبْكُمُ اللّهُ )) فإنّ الله لا يحب إلا من تَبِعَ رسوله في أوامره ونواهيه وإلا مجرد دعوى حب الله بلا شاهد وحقيقة لا يكفي في حب الله تعالى للمدّعي ((وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ )) فإنّ مَن أحسن واتّبع الرسول يغفر ذنبه ويمحي سيّئته ((وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) بعباده .....
( 32)((قُلْ )) يارسول الله ((أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ )) وإطاعة الله سبحانه هي إطاعة الرسول، لكن ذكر ذلك تعظيماً للأمر وإردافاً لإطاعة الرسول بذلك كما قال (فإنّ لله خُمُسه وللرسول) مع إن خُمس الله إنما هو للرسول، ويحتمل أن يكون ذِكر الله والرسول لإفادة وحدة الجهة أي إنّ الله والرسول لهما إطاعة واحدة فهو من قبيل "أطِع العلماء" لا من قبيل "أطِع العالِم" أو "أطِع أباك" ((فإِن تَوَلَّوْاْ )) وأعرضوا فلم يطيعوا ((فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)) الذين يُعرضون عن أوامر الله وأوامر رسوله، ومعنى "لا يحبهم" أنه يُبغضهم لا النفي للحب فقط المجامع لعدم البغض .
( 33) وحيث أن الكلام حول وحدة الدين وأنه هو الإسلام والتعريض بالكفار وأخيراً إنتهى المطاف إلى ميزان حب الله سبحانه ناسب السياق ذكر بعض الأفراد الذين إختارهم الله سبحانه أليسوا هم جميعاً قادة دين واحد المنتهى إلى المسلمين فمن اللازم أن يعرفوهم ويقدّروهم، فقال سبحانه ((إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى ))، أي إختار لرسالته ووحيه وجعلهم أنبياء مرشدين ((آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ )) الأنبياء الذين من نسله إسحاق وإسماعيل ويعقوب ويوسف وعيسى ومحمد (صلوات الله عليهم أجمعين) ((وَآلَ عِمْرَانَ )) موسى وهارون (عليهما السلام) ((عَلَى الْعَالَمِينَ)) وإنما خصّص هؤلاء الأنبياء لكون آدم أبو البشر ونوح وآل عمران بما فيهم إبراهيم -فإنه يُقال آل فلان للأعم منه ومن آله- وآل عمران الذين فيهم الأنبياء أولوا العزم هم مدار الرسالات العالمية .
( 34) حال كون نوح وآل إبراهيم وآل عمران ((ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ )) في أداء الرسالة ومناصرة الدين وإرشاد الناس، فإنّ من خرج عن دين آبائه ليس منهم كما قال سبحانه (إنه ليس من أهلك) بخلاف من اتّبع آبائه ((وَاللّهُ سَمِيعٌ )) لما تقوله الذرّيّة ((عَلِيمٌ)) بضمائرهم وأعمالهم ولذا فضّلهم على من سواهم أن هؤلاء الأنبياء كلهم ذووا خصائص واحدة موروثة من جدهم آدم (عليه السلام) مما تؤهلهم لحمل الرسالة الواحدة التي هي الإسلام .....
( 35) وفي هذا الجو يأتي ذكر والدة عيسى (عليهما السلام) وأنها كيف كانت طاهرة زكية بحيث أُهِّلت لإيداع النبي العظيم عندها، إذكر يارسول الله ((إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ )) وهي "حنّة" جدة عيسى (عليه السلام) من الأم ((رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا )) وذلك حين حملت لم تكن تعلم أنها أنثى فنذرت أن تجعل ما في بطنها لخدمة المسجد، ومعنى المرّر الفارغ من الأعمال الدنيوية الصارف جميع أوقاته في خدمة بيت الله سبحانه، وهكذا كان قلب أم مريم عامراً بالإيمان بالله جاعلة أعزّ شيء لديها لله وفي خدمة عباد الله ((فَتَقَبَّلْ مِنِّي)) نذري (( إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ )) لدعائي ((الْعَلِيمُ)) بما في ضميري من صدق وإخلاص .....
( 36)((فَلَمَّا وَضَعَتْهَا ))، أي وضعت إمرأة عمران جنينها خاب ظنها ورأت أنها أنثى فـ ((قَالَتْ )) في يأس وتبتّل ((رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى )) والأنثى لا تصلح للخدمة ((وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ )) فإنّ الله كان يعلم ذلك منذ كانت جنيناً في بطنها بينما هي لم تعلم إلا بعد الوضع ((وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى )) فالذكر يأتي منه الخدمة ولابأس بحشره في مكان العبادة في المسجد بخلاف الأنثى إذ لا تلائم الرجال ولا تلائم عادتها النسائية المسجد، ثم قالت ((وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ))، أي جعلت إسمها "مريم" وهي في لغتهم بمعنى العابدة ((وِإِنِّي أُعِيذُهَا ))، أي أجعلها في حفظك وحراستك ((بِكَ وَ)) أُعيذها ((ذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ))، أي المرجوم باللعن والمطرود عن الخير ......
( 37)((فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا ))، أي تقبّل الله سبحانه مريم مع أنوثتها ((بِقَبُولٍ حَسَنٍ )) حيث قدّر لها السعادة وأن يجعل منها عيسى المسيح (عليه السلام) ((وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا ))، أي جعل نشؤها نشئاً حسناً بالفضيلة والأخلاق والعفة والطهارة ((وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ))، أي جعل الله سبحانه كفيلها زكريا وكان زوج خالة مريم وهو من أنبياء الله سبحانه فإنّ أم مريم ذهبت بها إلى المسجد وسلّمتها إلى الأحبار فتنازعوا في كفالتها حتى اقترعوا عليها وخرجت القرعة باسم زكريا فكانت مريم تخدم في صِغرها المسجد حتى إذا بلغت مبلغ النساء إنفصلت عنهم في غرفة خاصة بها بنى لها زكريا في وسط المسجد عالية لا يمكن الوصول إليها إلا بسلّم وكان يأتي بحوائجها كل يوم وكان من غريب أمرها أنه ((كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ )) وهي غرفتها، وسمّي محراباً لأنه محل محاربة النفس والشيطان ((وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً )) فاكهة في غير حينها ((قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا))، أي من أين لكِ هذا الرزق ((قَالَتْ )) مريم ((هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ )) أرسله إليّ الله تعالى من الجنة كرامة لي ((إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ))، أي بغير تقتير أو محاسبة من المرزوق .....
(38)((هُنَالِكَ )) الذي رأى زكريا إكرام الله سبحانه لمريم نحو خرق العادة من إرسال الفاكهة إليها ((دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ))، أي من عندك ((ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ))، أي نسلاً صالحاً ((إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء)) وكان زكريا مأيوساً من الأولاد حيث كبر وشاخ وكانت إمرأته عاقراً لكن طلب ودعا مريداً على وجه الإعجاز وخرق العادة .....
( 39)((فَنَادَتْهُ ))، أي فنادت زكريا ((الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ )) أما المراد المحراب أو نفس المسجد، وسمي محراباً لأنه محل محاربة الشيطان والنفس حيث يريدان صرف الإنسان إلى الدنيا والمسجد يصرفه إلى الآخرة ((أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى )) سمّاه سبحانه بهذا الإسم قبل الولادة في حال كونه ((مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ )) والمراد بالكلمة عيسى (عليه السلام)، أي أن يحيى يصدّق نبوّة عيسى، وأنما سمّي عيسى (عليه السلام) كلمة الله لأنه كان بإلقاء الله إياها إلى مريم، كما تُلقى الكلمة من الفم ((وَسَيِّدًا ))، أي ذو سيادة وشرافة ((وَحَصُورًا )) يحصر نفسه عن الملذّات، أو عن النساء خاصة بمعنى أنه (عليه السلام) كان زاهداً، وكون حصور مدحاً ليحيى (عليه السلام) لأسباب خاصة لا ينافي إستحباب الزواج في الشرائع ((وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ)) الذين يُصلحون ولا يكن فيهم فساد كما هو شأن جميع الأنبياء ....
( 40) فاستفسر زكريا (عليه السلام) عن كيفية حصول الولد هل يرزقه وهما على ما هما عليه من الحالة أم تتبدّل حالتهما ((قَالَ )) زكريا في جواب الملائكة سائلاً عن الله سبحانه ((رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ))، أي كيف يكون لي ولد ((وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ ))، أي الشيخوخة ((وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ )) ليس لها قابلية الولادة ((قَالَ )) المَلَك في جوابه ((كَذَلِكَ ))، أي كالحال الذي أنتما عليه من الكِبر والعقر ((اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء)) فإنه قادر على كل شيء ......
( 41)((قَالَ )) زكريا (عليه السلام) ((رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً ))، أي علامة أُعرف بها وقت الحمل لأزيد شكراً وسروراً أو علامة أعرف بها إستجابة دعائي ليطمئن قلبي وأجده محسوساً ملموساً بعدما وجدته سماعاً بالبشارة ((قَالَ )) المَلَك، أو الله سبحانه يخلق الصوت في الفضاء ((آيَتُكَ ))، اي الدليل على ذلك ((أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ))، أي لا تقدر على التكلم معهم كلما توجّهت إليهم بالكلام يُعقد لسانك ((ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا )) بالإشارة باليد والرأس ((وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا )) فإن سانك لا ينعقد عن الذكر والتسبيح لله سبحانه ((وَسَبِّحْ ))، أي نزِّه الباري تعالى ((بِالْعَشِيِّ )) آخر النهار ((وَالإِبْكَارِ)) أول النهار، من أبكر فهو إسم مفرد لا جمع ......
( 42) ثم رجع السياق إلى بقية قصة مريم (عليه السلام) حيث كانت قصة زكريا (عليه السلام) توسط في الموضوع لمناسبة ((وَ)) اذكر يارسول الله ((إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ)) إختاركِ لعبادته وإطاعته وأن تكوني وعاءً لنبيّه ((وَطَهَّرَكِ )) من الآثام والذنوب والأدناس والعادات النسائية ((وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ)) وكرّر الإصطفاء تأكيداً ومقدّمة لذكر نساء العالمين فليس الإختيار لها من جملة مختارات وإنما هي مختارة على سائر نساء زمانها وعوالمها لا كل العالمين فإن فاطمة (عليه السلام) هي المختارة المطلقة على جميع النساء، وقد تقدّم أن مثل هذه العبارة تُقال مُراداً بها العوالم لا كل العوالم كما يُقال أن الدولة الفلانية أقوى جميع الدول يُراد الدول المعاصرة لها لا كل دولة في العالم أتت أو تأتي .....
( 43)((يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي )) القنوت الخضوع والإخلاص في العبادة ((لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ))، اي في جملة الذين يركعون لله سبحانه .....
( 44)((ذَلِكَ )) الذي تقدّم من قصص مريم وزكريا ويحيى ((مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ ))، أي الأخبار الغائبة عن الحواس فإنّ كل شيء غاب عن الحواس يسمى غيباً ((نُوحِيهِ إِلَيكَ ))، أي نُلقيه عليك ليدلّ على أنك من المرسلين فإن الإخبار عما لم يحضره الإنسان ولم يعلمه من طريق التاريخ يدلّ على كونه يالإعجاز وخارق العادة ((وَمَا كُنتَ )) يارسول الله ((لَدَيْهِمْ ))، أي عند الأحبار والمعاصرين لمريم (عليها السلام) ((إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ )) التي بها كانوا يكتبون التوراة ((أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ )) فإن زوجة عمران لما أتت بمريم إلى المسجد إختلفت الأحبار في من يكفلها لأنها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم فقال لهم زكريا : أنا أحق بها لأنّ خالتها عندي فقالت له الأحبار أنها لو تُركي لأحقّ الناس بها لتُركت لأمها التي ولدتها ولكن نقترع عليها فتكون عند من خرج سهمه فانطلقوا وهم تسعة وعشرون رجلاً إلى نهر جارٍ فألقوا أقامهم في الماء فأبرز قلم زكريا وارتفع فوق الماء ورسبت أقلامهم ولذا أخذها زكريا ((وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)) في شأنها وأن أيّهم يكفلها ..........
( 45) واذكر يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ )) مخاطبة لمريم (عليه السلام) ((يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ))، أي بولد هو كلمة الله تُلقى عليك ويخرج منك بصورة عيسى المسيح (عليه السلام) ((اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ )) قيل سمّي مسيحاً لأنه كان يمسح الأرض ويسير فيها، وذكر في الكلام أمه دحضاً لمن يفترس قائلاً أنه إبن الله، في حال كونه ((وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ))، أي ذا جاه وقدر وشرف ((وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)) لله تعالى قرب شرف وجاه لا زمان ومكان .........
( 46)((وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ ))، أي في حال كونه صغيراً قبل أوان تكلّم الأطفال، والمهد هو الموضع الذي يوضع فيه الطفل ويُهزّ من خشب أو حديد أو ثوب أو نحوها ((وَكَهْلاً ))، أي يكلمهم كهلاً بالوحي، والكهل ما بين الشاب والشيخ، أو يُراد الإخبار عن بقائه إلى ذلك الوقت ((وَمِنَ الصَّالِحِينَ)) الذين فيهم الصلاح دون الفساد .........
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
حبيبة الرحمن
+ عضو محترف +
+ عضو محترف +
حبيبة الرحمن



تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46   تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالخميس 12 مايو 2011, 7:58 pm

يسلمووووووووووووووووووووو اخي
لك كل الشكر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
§«مؤمنــــ أحبكم ــــة »§
+ عضو محترف +
+ عضو محترف +
§«مؤمنــــ أحبكم ــــة »§



تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Empty
مُساهمةموضوع: رد: تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46   تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46 Emptyالسبت 14 مايو 2011, 3:10 am


يسلموووو قمر فلسطين
بيض الله وجهك وكتر الله من أمثالك
لك مني أجمل التحايا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تفسير سورة ال عمران .. الايات 1 -- 46
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تفسير سورة ال عمران .. الايات 47 - 100
»  تفسير سورة ال عمران .. الايات 101 -- 145
»  تفسير سورة ال عمران .. الايات 146 -- 179
» تفسير سورة ال عمران .. الايات 180 -- 200 اخر الايات
» تفسير سورة ص الايات 82 - 88 اخر الايات + * تفسير سورة الاعراف الايات 1-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى جامعة الأقصى :: المنتديات العامة :: المنتدى الإسلامى-
انتقل الى: